آخر الأخبارسلايدمقالات الرأي

انتظروا «نيرة أشرف» جديدة كل يوم!

آية عبد الرؤوف

صحافية وكاتبة مصرية

جريمة مكتملة الأركان بداية من التخطيط والتهديد ومحاولة الزواج منها وحتى أُصدر حكم الإعدام عليها في ميدان عام، ذُبحت ولفظت أنفاسها الأخيرة في ثوانٍ معدودة أمام باب المستقبل الذي كانت تحلم به، قُتل طموحها أمام المارة وشهد المصريون جميعًا على دفن مصير الفتاة التي تبلغ من العمر 19 عامًا تقريبًا، وللأسف حدث ذلك من شخص يُقال أنه فعل ذلك بدافع الحب، وأنه رفض أن تكون لغيره فقضى عليها وعلى أسرتها وليس ذلك فقط بل قضى على مجتمعٍ وجيلٍ كاملٍ تحطمت مشاعره وأحاسيسه، وأصيب بالرعب والخوف من العالم الذي أصبحنا فيه، ذُبحت نيره أشرف طالبة كلية الآداب أمام جامعتها.

جلستُ ساعات أحاول أن أُلملم نفسي لكي أستطيع كتابة السطور التالية، لم أجد كلامًا أستطيع أن أقوله في ظرف مثل هذا ولكني صُدمت بردود أفعال بعض الملوثين فكريًا والمشوهين عقليًا وثقافيًا.

وجدتُ تعليقات من بعض الأشخاص يبررون ما حدث والسبب تعاطفهم مع أنه يحب ويعشق ويرفض ترك الفتاة التي سكنت قلبه أن تكون لغيره، وآخر يشمت بأن الفتيات يبحثن عن «الباد بوي» أو بمعنى آخر «الولد المخلص الروش الشقي»، وآخر يتحدث عن أن لبس الفتاة التي ذُبحت في وضح النهار لا يليق للجامعة، وأخرى تتحدث عن علم الطاقة والصورة التي كانت الفتاة تنشرها على صفحتها الشخصية والتي كانت السبب فيما حدث لها.. حقًا ماذا تفعلون؟!!، لم أتصور أو أتخيل أن وصل الوضع والقسوة والجحود في قلوب البعض بمصر تحديدًا إلى هذا المستوى المتدنِ واللاأخلاقي.

ما السبب الذي يجعلك تبرر جريمة بهذه البشاعة لشخص تجرد من كل معاني الإنسانية والأحاسيس لا يعلم شيئًا عن الحب ولا حتى نستطيع وصفه بأنه ينتقم لكرامته على سبيل المثال كما يبرر أصحاب العقول والقلوب المريضة، جبروت الواقعة ليس له أي مبرر أو عذر على العكس تماما فكل من يدافع أو يتعاطف أو يحاول الحياد عن فقدان فتاة في ريعان شبابها حياتها على يد مجرم خالٍ من الإحساس والمشاعر، والقلوب التي انفطرت حزنًا عليها وحياة والديها التي انتهت فهو بمثابة مشروع مجرم سيعيثُ في الأرض فسادًا.

ومع كامل الأسف والأسى والحزن يُكتشف أن الشاب المجرم يتعاطى «الإستروكس» أو سيصبح مختل عقليًا، ومع اتفاقي أن هذه الجريمة لا يقوم بها عاقل ولكننا سئمنا من هذه الأسباب التي تحرق القلوب، السيدات والفتيات يشعرن بالخوف والرعب في وطنهم داخل جامعاتهم وفي أروقة شوارعهم أين يجدن الأمان، إذا استمر الوضع هكذا سنصبح في غابة، فإذا استمر القانون يعطي النصاب الذي يحصد الملايين من جيوب الأشخاص سنتين أو ثلاث بحد أقصى مع غرامات فيتجه الجميع للعمل في هذه المهنة التي إذا عمل عمره كله لم يجمع في المقابل ربع هذه الأموال، وإذا ظل القاتل يحصل على حريته لأنه مدمن أو مجنون فلن نستطيع السير في الشوارع من كثرة الدماء.

ارحمونا يرحمكم الله ضعوا أنفسكم أمام مسؤولياتكم، لا تبرروا الجريمة لكي لا تكتووا بنار العذاب التي يشعر بها أهل الضحية وتحترق قلوبكم على أقرب ما لكم، نحتاج إلى قوانين رادعة تغير حال الغاب وقلوب البشر التي أصبحت الحيوانات أرحم منهم كثيرًا، نحن في حاجة إلى عقول تنشر تعاليم الحب والعطاء الحقيقي، نحتاج إلى إعلامٍ واعٍ لم ينشر الطاقات السلبية التي تجعلنا نفكر في انتهاء العالم والحياة وتدخلنا في الاكتئاب، بل نريد إعلامًا يفتح عقول الشباب ويعطي الأمل لكي يستطيع الناس مواجهة عقبات الحياة.

نريد عقلاء يزرعون الخير مرة أخرى في جيلٍ حصد كل مرارة وألم في أوضاع عالمية مميتة، نريد الاهتمام بالدين وتعاليمه الصحيحة والرجوع إلى الله عز وجل، ألزموا الطلاب في المدارس وازرعوا فيهم الخير من الصغر، اجعلوا حصص الدين أساسية لكي تزرع الرحمة في القلوب فنحصد العطف واللطف.

نحتاجُ إلى تربيةٍ صحيحةٍ من الأهالي، نريد قصاصًا عادلاً، نريد حياةً إنسانية إذا لم نستطع حصولنا على حياة بها بعض المثالية، نريد نزع الهوس والجنون وحديث الأهل عن كيفية الرفض والقبول وعدم غرس مقولات «مين دي عشان ترفضك.. هجوزك ست ستها.. أنت سيد الرجالة» وما من ذلك القبيل، فمن الطبيعي القبول والرفض والاختلاف بين الأشخاص، نريد وضع قيم الامتناع عن التدخل في حياة الآخرين، نتعطش لوجود فنون وأعمال راقيه تساعد الأهل والمدرسة في التربية الصحيحة، فقد أصبح الجميع مقصر، الكثيرين يتحدثون عن الانتظار لمعرفة ملابسات الواقعة فأيًا كانت لا يوجد ما يبرر هذه الجريمة البشعة والمشهد المأساوي.

لم ينتهِ الأمر عند نيرة أشرف طالبة المنصورة الحسناء، بل سيزداد الأمر تعقيدًا في الفترة المقبلة إذا لم نعالج هذه الأسباب بحكمة بالغة يديرها عقلاء، وليست هذه النوعية من الجرائم فقط بل سيصبح الأمر أسوء، اللهم ارحمها وارحمنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى