آخر الأخبارسلايدعرب وعالم

«الشيخ زايد».. حينما يوثق التاريخ معادن الرجال

قيادة تاريخية لشعب محب

يحتفظ التاريخ الإنساني بأسماء مضيئة، لطالما علَّمت الإنسانية، بعطائها العملي وخيرها الفياض وقيمها التي لا تنضب، ومن بين تلك الشخصيات «الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان» – رحمه الله –  والذي يعرفه المؤرخون بأنه «الأب المؤسس لاتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة».

يعد الشيخ زايد الرئيس الأول لدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تولى هذا المنصب منذ قيام الدولة في الثاني من ديسمبر عام 1971 وحتى وفاته في 2004م. وشغل أيضاً منصب حاكم إمارة أبو ظبي من عام 1966 ولغاية 2004م، وجمعت شخصيته بين الحب والعطاء حيث قدم عمره كاملا لوطنه، ولم يكن نبوغه سوى نتيجة لتنشئة عربية قويمة، قدَّمت للعالم شخصية ذات قدرات خاصة، فقد عرف عنه سعة الصدر ونفاذ البصيرة والصبر والحكمة، فضلا عن دوره المشهود في احتواء وحل أي نزاعات، لذلك أطلق عليه القادة والشعوب «حكيم العرب»، ذلك اللقب المستحق له عن جدارة.

رسَّخ الشيخ زايد، أسلوبا إداريا فريدا في تنظيم أمور الدولة بمبدأ مفاده «حصول جميع المواطنين على الفرص التي يستحقونها»، وهو مبدأ ظل نهجا لإدارة الدولة حتى اليوم، وهو ما يفسر المستويات الرائدة للإمارات في كافة مناحي الحياة وخصوصا في الجانب الاقتصاد؛ فبديهي أن شعود المواطن بالعدل والمساواة يكون دافعا أساسيا له للتفوق ويزرع فيه قيمة الانتماء في أسمى صورها، وأبهى مشاهدها، لتجدد الدولة التأكيد حتى اليوم على استمرار نهج مؤسسها المعطاء وتسجل يوما تلو آخر نجاحات شهد لها القاصي والداني.

أدرك الشيخ زايد منذ اللحظات الأولى، أن لتلك البلاد مكانتها التاريخية وموقعها الفريد وشعبها، ومكنته قدراته الخاصة من إدارك شامل لطبيعة الشخصية العربية والمجتمع البدوي بكل تفاصيله الدقيقة، وكان شغله الشاغل تحقيق الوحدة واللحمة العروبية والحضارية، فما أن تولى منصب ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية عام 1946، حتى انخرط بشكل مباشر بالشؤون الحكومية، وبدأ يمارس تجربته في الحكم من مدينة العين، ثم تولى حكم إمارة أبوظبي في أغسطس عام 1966، ووضعها على طريق النمو المستدام والتنمية حيث يضرب بها وبدولة الإمارات المثل في المنطقة كلّها.

وفي يناير عام 1968، أعلن البريطانيون عن نيتهم بالانسحاب من الإمارات المتصالحة بحلول عام 1971م، وقام الشيخ زايد إثر ذلك بالتحرك سريعاً لتعزيز الروابط مع إمارات الساحل المتصالح، ورأى الحاجة إلى إقامة كيان سياسي موحد له كلمة قوية ومسموعة في المحافل الدولية، وقادر على تقديم الحياة الأفضل لمواطنيه، وظل نهجه الأساسي ضرورة وضع تلك البلاد على المسار الصحيح باستثمار عائدات النفط كما ينبغي، وفي 18 فبراير 1968م، اتفق مع الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي على تشكيل وحدة بين الإمارتين، ووجها دعوة إلى تشكيل اتحاد يشمل بقية الإمارات الخمس المتصالحة.

وبعد ثلاث سنوات من ذلك التاريخ ومع اقتراب موعد الانسحاب البريطاني، اجتمع حكام الإمارات السبع المتصالحة لبحث قيام الاتحاد، ومن أقوال الشيخ زايد وقتئذ: هذه فرصة هيأها الله تعالى لنا، فرصة وجودنا اليوم في مكان واحد، إن قلوبنا جميعًا عامرة والحمد لله بالإيمان، بمبدأ الوحدة، فلنجعل إذن من اجتماعنا فرصة تاريخية لتحقيق أملنا المنشود، ويعود الفضل في قيام الدولة لحماسة الشيخ زايد والآباء المؤسسين لتشكيل الاتحاد، وتعاملهم مع التحديات والصعوبات بحكمة وبروح من الانسجام والتعاون. 

وفي الثاني من ديسمبر عام 1971م، أعلن عن قيام دولة الإمارات العربيــة المتحدة، وضمت ستة من الإمارات المتصالحة وهي دبي، والشارقة، وعجمان، وأم القيوين، والفجيرة. وتقديراً لجهوده ودوره القيادي وحنكته، اختار حكام الإمارات الشيخ زايد لرئاسة دولة الإمارات العربية المتحدة، ليصبح بذلك أول رئيس للدولة، وهو المنصب الذي أكسبه لقبه الدائم «الأب المؤسس”. وفي وقت لاحق، انضمت إمارة رأس الخيمة إلى الاتحاد بتاريخ 10 فبراير عام 1972م.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى