آخر الأخبارعرب وعالم

حاصد نوبل للسلام يقود إثيوبيا إلى شفا حرب أهلية

خلال نهاية الأسبوع الماضي، ظهر أبي أحمد، رئيس وزراء إثيوبيا، الزعيم البالغ من العمر 44 عامًا، والحاصل على نوبل للسلام، على شاشة التلفزيون الوطني مرتديًا سترة عسكرية ويأمر قواته بالرد على هجوم مزعوم على قاعدة عسكرية من قبل القوات المحلية في مقاطعة تيغراي في البلاد.

بعد ذلك بيوم، تحدث جنرالات إثيوبيون كبار عن «حالة الحرب» وسط تقارير عن هجوم بمدفعية، وزعم مسؤولون في تيغراي أن الطائرات قصفت أجزاء من عاصمتها.

وظهر التناقض بين «حامل نوبل للسلام» وبين ذلك الشخص الذي يرتدي سترة عسكرية، حادًا جدا، ومثالاً صارخًا على تناقض شخصيته خلال الأيام الأولى في السلطة عام 2018، وبين ذلك الوقت الأكثر اضطرابا الذي تعيشه اثيوبيا الأن، وفقا لما نشرته الجارديان البريطانية. 

بالنسبة للكثيرين، فإن شخصية أبي الحقيقية هي التي يعيشها الأن. حيث قال مارتن بلوت، الخبير الإقليمي في جامعة لندن، واصفا آبي أحمد، بإنه جاء من صفوف المخابرات العسكرية والتحالف الحاكم في إثيوبيا فهو شخص حاد ليس لطيف كما يحاول أن يبدو.

وقال تسيدالي ليما، رئيس تحرير مجلة أديس ستاندرد الإخبارية: أن الاستبداد الكامل هو ما يتجه إليه رئيس الوزراء الأثيوبي.

 آبي الذي كان مجندًا في القوات المسلحة عام 1998 كان جندي اشارة ملحق بوحدة إثيوبية تقاتل القوات الإريترية.

عندما غادر وحدته لفترة وجيزة في محاولة منه أن يستقبل الإشارة بشكل أفضل، تم القضاء على وحدته بالكامل في هجوم مدفعي. بعد أن قُتل كل رفاقه واصل آبي الترقي في رتبه العسكرية، وحصل على الدكتوراه في «دراسات السلام والأمن».

بعد فترة قضاها في إدارة الاستخبارات في إثيوبيا، دخل عالم السياسة وتم ترقيته بسرعة داخل التحالف الذي حكم البلاد منذ الإطاحة بمنغستو عام 1991.

جاء تعيين آبي المفاجئ كرئيس للوزراء عام 2018 بعد أشهر من الاحتجاجات المناهضة للحكومة. وطرد  مجموعة من الموظفين المدنيين وتواصل مع الجيران والمنافسين المعادين، ورفع الحظر على وسائل الإعلام، وأطلق سراح الآلاف من السجناء السياسيين، وأمر بالخصخصة الجزئية للشركات الضخمة المملوكة للدولة.

كانت هناك أيضًا آمال في إنهاء الصراع العرقي الذي يوجع اثيوبيا. كان من المأمول أن تسمح الخلفية المسيحية والإسلامية المختلطة لآبي، وإتقانه لثلاث لغات في البلاد، أن يقود إنهاء الانقسامات الطائفية في البلاد.

دعا الإثيوبيين إلى التعاون والمساعدة في بناء دولة توفر عدالة وحقوق وفرص متساوية لجميع مواطنيها، لكن ربما كانت جائزة نوبل «كبيرة عليه»، فمنذ أن حصل عليها، تضاعفت المشاكل.

يقول محللون إن إصلاحاته سمحت بظهور مظالم عرقية، وأدت إلى عدم الاستقرار، وأعمال عنف.

بعد أيام من إطلاق كتاب آبي أحمد، أحرق المتظاهرون نسخًا منه في الشوارع. وفقد معظم قاعدة دعمه في أوروميا؛ قال ليما: «لقد ترك النظام السياسي في الجنوب في حالة من الارتباك الشديد، وهو الآن على حافة المجهول مع شعب تيغراي».

قال زعماء تيغرايان إنهم استُهدفوا ظلما، وعزلوا من المناصب العليا في البلاد. رفضت جبهة تحرير شعب تيغرايان الانضمام إلى الحزب الذي أنشأه آبي لدمج عناصر الائتلاف الحاكم القديم في منظمة سياسية واحدة.

تم تأجيل الانتخابات المقرر إجراؤها في أغسطس بسبب كورونا. عندما صوّت البرلمانيون لتمديد تفويضات المسؤولين، مضى قادة تيغرايان قدما في انتخاباتهم الخاصة.

يرى كل جانب أن الآخر غير شرعي، وقد قرر القضاة الفيدراليون أن حكومة آبي يجب أن تقطع الاتصال بتيغراي وتمويلها. لكن المقاطعة الشمالية هي موطن لستة ملايين شخص 5٪ من سكان إثيوبيا البالغ عددهم 109 ملايين نسمة وأكثر نفوذاً من العديد من المناطق الأخرى الأكبر.

كما أن لديها قوة شبه عسكرية كبيرة وميليشيا محلية جيدة التدريبات، ويتمركز جزء كبير من الأفراد العسكريين الفيدراليين هناك، وهو الأمر الذي يظهر أن الأعمال العدائية بين حكومة إثيوبيا وحكومة تيغراي من الممكن أن تكون كارثية.

دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس  لوقف فوري للتوترات وحل سلمي للنزاع. وقال: «استقرار إثيوبيا مهم لمنطقة القرن الأفريقي بأكملها».

قال أحمد سليمان، الخبير في مركز تشاتام هاوس في لندن، إن عواقب الصراع الشامل ستكون بشعة بالنسبة لإثيوبيا وشرق إفريقيا. وقال إن «إثيوبيا تمر بمرحلة صعبة لكنها تظل حجر الزاوية الدبلوماسي في المنطقة».

لقد أضعف الخطاب العنيف من كلا الجانبين أي أمل في نهاية سريعة للمواجهة. ولا يبدو أن أي منهما مستعد لتقديم تنازلات.

انتقد دبلوماسي غربي في أديس أبابا آبي، متسائلاً: «إذا كان نهجه سحق معارضيه فهل هناك بالفعل مجال لأي مفاوضات؟». 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى