آخر الأخبار

حرب قادمة والحرس الثوري ينلقب على «روحاني».. قراءة في استقالة ظريف ومستقبل إيران

فيما يبدو أن الحرس الثوري يعيد ترتيب البيت الإيراني، بما يؤهله للسيطرة على زمام الأمور وإبعاد رجال «الاتفاق النووي» وزير الخارجية المستقيل محمد جواد ظريف وحسن روحاني، وكذلك في ظل التهديدات المتبادلة بين إيران وإسرائيل بحرب قادمة، تماشيا عدم تمرير اتفاقية «FTAF» وتصنيف بريطانيا حزب الله تنظيم إرهابي وزيارة الرئيس السوري بشار الأسد، وإعادة تنظيم صفوف المعارضة الإيرانية في الخارج وتصاعد العمليات المسلحة في شرق وغرب إيران يؤشر وجود انقلاب عسكري في إيران ضد «روحاني» وتشكيل حكومة حرب من جنرالات الحرس الثوري، وغروب شمس الإصلاحيين بعد فشل الاتفاق النووي وعودة العقوبات الأمريكية على نظام المرشد علي خامنئي.

 

 

اتفاقية (FTAF)

أسباب «ظريف» الدافعة للاستقالة هي عدم تمرير اتفاقية مجموعة العمل المالي الدولية (FTAF)، من قبل مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني، وكذلك نشاط الحرس الثوري في الخارج وخاصة في المنطقة العربية والدول الاوربية والتي اعتقل على اثرها الدبلوماسي الإيراني أسدالله أسدي، الذي اعتقلته المانيا بتهم التدبير لتفجير المؤتمر السنوي لمنظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة  في باريس يوليو الماضي، ثم جرى تسليمه لبلجيكا لمحاكمته.

ولكن يعد  عدم تمرير اتفاقية(FTAF) أبرز الخلافات بين المتشددين والحرس الثوري، من جانب والإصلاحيين من جانب أخر، وهو ما يشكل عباة على حكومة الرئيس حسن روحاني في انقاذ الاقتصاد الإيراني من الاوضاع الصعبة التي وصل إليها حيث باتت طوابير اللحوم  تتسع وتكبر في الشارع الإيراني.

عدم مصادقة إيران على اتفاقية (FTAF) يهدد الآلية المالية الأوروبية التي  اسسها الاتحاد الأوروبي من أجل التعامل مع إيران بعيدا عن العقوبات الأمريكية، وهو ما يعني خنق إيران اقتصاديا وسقوط  النظام من الداخل، في ظل تصاعد الاحتجاجات الاجتماعية وذات الطابع العمالي والاقتصادي، وكذلك نقص حاد في السلع الغذائية لدى المستهلك الإيراني.

عدم توقيع اتفاقية (FTAF) من جانب مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني، يتيح للحرس الثوري دعم ميليشياته المسلحة في العراق وسوريا واليمن، وإفريقيا وآسيا، وحزب الله اللبناني، وكذلك الفصائل الفلسطينية ، والخلايا النائمة في أوروبا وبعض الدول العربية.

وقد استبعد مستشار المرشد الإيراني للشؤون العسكرية، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، اللواء يحيى رحيم صفوي، انضمام طهران إلى اتفاقية مجموعة العمل المالي (فاتف) لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

صدام الحرس روحاني

خطوة استقالة ظريف واستمرار عناد المتشددين في عدم  تمرير اتفاقية (FTAF) ومطالب روحاني بإبعاد الحرس الثوري عن الاقتصاد الإيراني في ظل ما تعانيه الدولة من «خنق» يهدد بنيتها مع استمرار العقوبات الأمريكية وفشل تصدير النفط الإيراني، وعدم العمل بالآلية الأوروبيةيجعل من عمل حكومة روحاني شبه مستحيل ويقفز بالحرس الثوري والمتشددين بحكومة عسكرية، استعدادا لحرب قادمة.

ويقدر حجم رأسمال شركات الحرس الثوري المتغلغلة في جميع  قطاعات الاقتصاد الإيراني، بأكثر من 100 مليار دولار، وهو ما يوضح حجم الاقتصاد المدار من الحرس وخارج تغطية وتحكم الحكومة الإيرانية، لذلك يقف المتشددون والحرس الثوري ضد موافقة إيران على اتفاقية (FTAF)، والاستعداد لدخول حرب اقتصادية طويلة المدى، لذلك سيكون التخلص من الإصلاحيين خطوة مهمة في تنفيذ خطة مواجهة الحرب الاقتصادية.

 

تصاعد العمليات المسلحة في شرق وغرب إيران

المشهد الإيراني لا يتوقف عند صراع روحاني والحرس الثوري  على الاقتصاد واتفاقية (FTAF)، بل هناك مشاهد أخرى باتت أكثر حضورا في الساحة الإيرانية وعلى مستوى القرار الإيراني، والمتمثلة في ارتفاع العمليات المسلحة في شرق إيران وخاصة في مناطق البلوش، ونشاط غير عادي لتنظيم جيش العدل البلوشي المسلحة، حيث شن في شهر فبراير فقط 3 عمليات مسلحة ضد الحرس الثوري وقوات الباسيج ومؤسسات ايرانية، لكن تعد عملية خطف 14 جنديا من الحرس الثوري في  أكتوبر الماضي أبرز العمليات العسكرية التي أهانت الغطرسة الإيرانية.

كذلك تتواصل عمليات الأكراد في كردستان إيران بغرب البلاد، وتشكل الأحزاب الكردية صداعا كبيرا لدى الحرس الثوري، رغم كل التحركات من أجل إنهاء هذه الجماعات والفصائل المسلحة ولكن حتى الأن نجحت الفصائل الكردية المسلحة في غرب إيران في الحفاظ على قوتها وديناميكيتها في مواجهة الحرس الثوري الإيراني.

الجماعات المسلحة كذلك كان لها حضورها في الأحواز ،الملف الشائك الذي يهدد الاقتصاد الإيراني  فعملية العرض العسكري التي نفذتها جماعة أحوازية مسلحة في سبتمبر  2018 ، والjي راح ضحيته 24 من جنود الحرس الثوري، شكلت ضربة قوية للحرس في منطقة تشكل نقطة ضعف لدى إيران.

وفي أذربيجان أيضا تتواجد جماعات مسلحة، وتدافع عن الآذر، وتتنوع مطالبهم ما بين الحكم الذاتي أو الانفصال والانضمام إلى دولة أذربيجان.

ويتهم نظام خامنئي دول خليجية والولايات المتحدة واسرائيل بدعم الجماعات المسلحة  لاسقاط النظام.

 

تصاعد التظاهرات في الداخل الإيراني

تنضم التظاهرات العمالية والاجتماعية  إلى العقوبات الأمريكية، وتصاعد العمليات المسلحة وخلافات اتفاقية (FTAF)، كأحد المؤشرات التي تؤدي إلى الإطاحة بحكومة روحاني من قبل الحرس الثوري، فقد تصاعدت وتيرة الاحتجاجات  العمالية والاجتماعية والبحث عن الحريات الشخصية في إيران، بما يعد مؤشرا خطرا للحرس الثوري في اشتعال ثورة تهدد بالإطاحة بنظام المرشد علي خامنئ، لا سيما وأن اندلاع موجة ثالثة من الاحتجاجات ، بعد أحداث الثورة الخضراء في 2009 ومظاهرات 2017، قد يطيح بالنظام ويسقطه وهو ما لا يقبله الحرس الثوري.

 

توحد صفوف المعارضة في الخارج

قلق الحرس الثوري يتعاظم مع ما يتبعه من إعادة المعارضة الايرانية في الخارج بمختلف صفوفها ترتيب أوراقها، وحصولها على دعم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، هذا الدعم سواء كان  بشكل مباشر أو غير مباشر، جعل الحرس الثوري يسرع من مخطط تسلمه السلطة في إيران.

فقد أصدرت 10 مجموعات سياسية إيرانية تعمل في الخارج، بيانًا مشترکًا، أعلنت فیه عن تأسيس ائتلاف «التضامن من أجل الحرية والمساواة في إيران»، وذلك خلال اجتماع مشترك عقد في مدينة هانوفر الألمانية.

وضم الائتلاف التحالف الديمقراطي الأذربيجاني (بيرليك)، حركة الجمهوريين الديمقراطيين والعلمانيين في إيران، حزب التضامن الديمقراطي الأحوازي، والحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، والحزب الديمقراطي الكردستاني، وحزب کوموله الديمقراطي الكردستاني، وحزب الشعب البلوشي، ومنظمة اتحاد فدائيي الشعب الإيراني، والمجلس المؤقت للاشتراكيين اليساريين في إيران، وحزب کومولة الكادحين الكردستاني، معلنيين أن هدفهم المشترك هو «إسقاط نظام الجمهورية الإسلامي.

وطالبوا بإنشاء نظام سياسي جديد «مبني علی الجمهورية، والديمقراطية، وفصل الدين عن الدولة، والفيدرالية التي تكفل الحقوق الوطنية الديمقراطية المتساوية للشعوب والأقليات في إيران».

كذلك أعلنت بعض المجموعات اليسارية عن تشكيل حزب واحد (مجموعة فارشجرد) والذي يعتبر ولي العهد الإيراني السابق، رضا بهلوي، محورًا لنشاطاته السياسية، بهدف التغيير في إيران.

كذلك أعلن رضا بهلوي، في مؤتمر صحفي في جامعة جورج واشنطن، عن  تشكيل وبدء مشروع «ققنوس»، لافتا أن الهدف من «ققنوس» هو الاستفادة من العلماء الإيرانيين لتمكين المجتمع المدني الإيراني، ودعا العلماء الإيرانيين للانضمام إلى هذا المشروع، هو مشروع بناء إيران بعد اسقاط نظام خامنئي.

وفي نفس السياق.. كثفت منظمة مجاهدي خلق أبرز الجماعات المعارضة في الخارج،وتشكل «مجاهدي خلق» التي كانت حليفا للخميني في إسقاط نظام الشاه، صداعا وإزعاجا لنظام خامنئي ولعبت دورا كبيرا في المطالبة بإسقاط النظام وتنظيم تظاهرات مستمر في باريس والعواصم الأوروبية لديها علاقات قوية بالإدارة الأمريكية، ما يجعلها المرشح الأول بديلا للنظام في إيران.

 

حزب الله والأسد

أمران آخران  ينضمان إلى الأسباب السابقة التي يمكن أن تؤدي إلى إسقاط النظام الإيران، أولهما إعلان بريطانيا، تصنيف حزب الله كجماعة ارهابية، وهو ما يشكل ضربة قوية من قبل لندن  لذراع إيران القوية في المنطقة، ويشكل أيضا بداية صحوة أوروبية لتصنيف الحزب جماعة إرهابية، وهو ما يعطي الشرعية لاستهداف الحزب مستقبلا  من قبل إسرائيل أو واشنطن أو تشكيل تحالف دولي يستهدف الحزب وإيران معا.

كذلك لا يمكن كذلك إبعاد زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الأخيرة إلى طهران ولقائه خامنئي وروحاني، بحضور قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، مهندس الميليشيات المسلحة في العراق وسوريا والوطن العربي، وأحد أبرز المطلوبين للولايات المتحدة.

كذلك تشكل نتائج مؤتمر وراسو أحد أبرز المؤشرات على التغيرات المقبلة في خارجة البيت الإيراني، إضافة إلى بقاء القوات الأمريكية في العراق وسوريا ونجاح واستمرار واشنطن في مفاوضاتها مع طالبان بما يجعل طهران بين «فكي كماشة» أمريكية.

 

الخطوة القادمة.. كش ملك لروحاني

في أبريل 2018 وقبل أسابيع قليلة من إعلان  الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلغاء الاتفاق النووي الإيراني وعودة العقوبات الامريكية كحزمة أولي في مايو الماضي، ثم الحزمة الثانية في نوفمبر الماضي،  ظهرت دعاوى من قبل المتشددين من أجل تنفيذ انقلاب ضد الرئيس الإيراني حسن روحاني، وتشكيل حكومة عسكريين يقودها جنرالات الحرس الثوري على رأسهم قاسم سليماني، والذي ظهر مؤخرا في زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الى طهران حيث كان الحاضر الأبرز في لقائي الأسد مع خامنئي وروحاني.

وتحت عنوان «رئيس إيران المقبل سيكون من العسكر»، كشفت صحيفة «شرق»  الإيرانية المقربة من روحاني، عن مخطط  المتشددين للإطاحة بـ«روحاني» وتشكيل قيادة عسكرية لقيادة البلاد، مرفقة خبرها بصورة لقائد فيلق القدس، قاسم سليماني، إلى جانبه  أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران اللواء محسن رضائي، وعمدة طهران السابق اللواء غاليباف.

 

وعن مبررات ذلك قالت الصحيفة إن التخوف من تحول إيران إلى سوريا جديدة في المنطقة، وتهديدات تقسم المنطقة، من أبرز ما جعل المحافظين يؤيدون القرار، وهو ما يشير إلى أن الحرس الثوري يستعد لانقلاب عسكري داخل ايران تتم الإطاحة فيه بحسن روحاني وتشكيل حكومة عسكرية، وهو قد يكون خلال العام الجاري أو على أقصى تقدير في 2021 وفقا لما قاله أحد مؤسسي حزب الله الإيراني، حسين الله كرم، خلال مقابلة صحفية مع إحدى المواقع الإخبارية الايرانية، فى معرض حديثه عن الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة فى 2021:«إن إيران اليوم أصبحت قوة نافذة في المنطقة، وإذا لم تؤد دورها كما يجب فإن مصيرها التقسيم، وإن رجل المرحلة يجب أن يكون شخصية استراتيجية عسكرية».

وقد يكون البرلمان الخطوة الأخيرة في عملية اسقاط روحاني عبر سحب الثقة من الرئيس الايراني، كما طالب رجال دين متشددين بذلك وهو ما أدى إلى تعليق المنظر للتيار الإصلاحي، مصطفى تاج زادة، على الأمر قائلا «وصلنا لمرحلة مفصلية في الصراع بين الحكومة والدولة العميقة»، مضيفا على «الدولة العميقة الكشف عن نفسها والخروج إلى العلن عبر إزاحة الحكومة الشرعية وتسلم إدارة البلاد بما في ذلك المؤسسات السيادية».

هل باتت انقلاب الحرس الثوري وشيكا  لعسكرة طهران استعدادا لحرب قد تكون في دولة عربية أو داخل الحدود الايرانية؟ ما يؤشر على أيام عصيبة سيعيشها الشعب الإيراني  خلال الأشهر القادمة، قد تشهد ولادة نظام سياسي جديد في إيران.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى