آخر الأخبارتحليلاتسلايد

حوار | سياسي عراقي: «الكاظمي» يريد استعادة الدولة .. وتركيا تسعى لتعطيش العراقيين

إحسان الشمري رئيس مركز التفكير السياسي في العراق

حوار | أحمد الساعاتي 

يعيش العراق منذ أكثر من عقد ونصف، فترة عصيبة للغاية، اخطلت فيها الحابل بالنابل، فسماءه يحجُبها الإرهاب مُتشعب الأطراف متعدد العقائد، ويغطي أرضه دماء الأبرياء، وتفتك الفتنة والطائفية بالناس، ويتغلغل الفساد في أعماقه، حتى قال أهله عنه: (إنه بات بيئة فاسدة لا تصلح للعيش بها).

هنا في بلاد الرافدين، وتحديدًا منذ عام 2003 بات العراق ساحة للإرهاب والتطرف، تمهيدًا لنهب وسرقة خيراتها، عبر عشرات المليشيات والتنظيمات والجماعات الإرهابية المدعومة والممولة من جهات خارجية، والتي تؤمن في الفتك بالعراق وأهله حتى يتمكنوا من السطو على ثرواته وبحور خزائنه التي لا تنضب وخاصة ذهبه الأسود.

وفي السياق تحدث الدكتور إحسان الشمري، الأستاذ بجامعة بغداد، ورئيس مركز التفكير السياسي في العراق، إلى “صوت الدار” للاطلاع على آخر مجريات الأحداث في الشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي، في العراق خلال الفترة الأخيرة.

 

بداية.. هل ترى أن الثوار العراقيين استطاعوا تحقيق مطالبهم؟

 

نعم استطاعت ثورة تشرين العراقية أن تُحقق أبرز وأهم أسبابها، وهو توحيد الشارع العراقي، حتى أصبح جزءً أساسيًا في المعادلة السياسية؛ بعد أن كانت تحتكر القرار السياسي قوى تقليدية؛ لافتًا إلى أن الاحتجاجات أثبتت أن هناك قوة جديدة استطاعت أن تُغير المشهد السياسي بشكل كبير.

أولى إنجازات الثورة هو الإطاحة بحكومة عادل عبد المهدي والسلطة الداعمه له، بالإضافة إلى ضغطها على القوى السياسية الأخرى، بضرورة المُضي قدمًا نحو التغرير الجذري، بما يتوافق مع مطالب الثورة، ومنها إقرار قانون انتخابي جديد، واختيار مفاوضية انتخابية مستقلة، تمهيدًا لإرغام القوى السياسية على إجراء انتخابات مبكرة.إلى جانب الإنجاز الأكبر وهو إعلان الرفض الكامل للتدخلات الخارجية، والتأكيد على أن العراق دولة مستقلة وليست تابعة.

 

https://www.youtube.com/watch?v=jYKsmzFIQ00

 

في رأيك هل انتهى الثوار من تظاهراتهم؟

 

الثورة لا تزال منعقدة، ولا زالت محفزاتها موجودة بشكل كبير، خاصة وأن الثوار يدركون جيدًا أن هناك قوى سياسية لم تستسلم بشكل نهائي لمطالب وإرادة الثوار، أو حتى طموحات الشعب العراقي، لذلك فإن بقاء خيم التظاهرات وساحات الاعتصام، دليل قاطع على استمرارية الثورة.

ثوار العراق يُدركون جيدًا مناورات ومؤمرات السياسة بهدف تطويق أهدافها، وعرقلة خطوات الحكومة الجديدة، فيما يرتبط بتعديل قانون الانتخابات أوقانون الأحزاب، وعرقلة الجهود للذهاب لصناديق الانتخابات، من خلال وضع المصدات والمُعرقلات أمام الإجراءات الجديدة.

لذلك أتصور استمرار الثورة ولن تنتهي بشكل كامل، وقد تكون الانخابات المبكرة هي نهاية التظاهرات، وأعتقد عند ذلك سيتحول الثوار من متظاهرين ثائرين على الحكومة، إلى داعمين لجيل سياسي جديد، وقد يمسكون بزمام الأمور أوجزءً من القرار السياسي العراقي.

كيف ترى تأثير مقتل قاسم سليماني على العراق؟

 

من المؤكد أن مقتل رأس الشر قاسم سليماني شكل لحظة ارتباك كبيرة لحلفاء إيران داخل العراق وخارجها، دبت الانقسامات بين الفصائل والميليشيا المسلحة في العراق، بالإضافة إلى ارباك حلفاء إيران، خاصة وأن سليماني كان صاحب نفوذًا كبيرًا جدًا فيما يخص الأجندة السياسية والإرهابية في المنطقة.

وإضافة إلى ذلك مقتل سليمان فتح الباب أمام التخلص من هيمنة إيران على العراق، وهذا كان سببا هاما لخروج العراقيين إلى الشارع.

https://www.youtube.com/watch?v=4XgcxwmjcAI

 

ما هو تقييمك لأداء حكومة مصطفى الكاظمي حتى الآن؟

 

لكي نكون منصفين لا يٌمكن أن نُقيم الكاظمي وحكومته بشكل دقيق في الوقت الحالي، خاصة وأنها لم تكتمل، ولكن المؤشرات الأولية تُشير إلى أنه -الكاظمي- يسير في الاتجاه الصحيح، بغرض وقف انهيار الدولة العراقية، بسبب سياسات عادل عبد المهدي، التي تسببت في أزمة مالية كبيرة وانهيارات اقتصادية قاسية.

أبرز المؤشرات الإيجابية للحكومة الجديدة إنصافه وتحيزه للثوار، من خلال اعتماد قرارات تعويض الشهداء وعلاج المصابيين، إلى جانب الإصلاحات الداخلية، والتي تهدف إلى تصحيح الأخطاء التي تعمدت حكومة عبد المهدي على تفعيلها في كثير من النواحي.

هل تعتقد أن الكاظمي يسعى لإعادة العراق هادئة مرة أخرى؟

 

الإجابة على هذا السؤال، يحتاج أن نُلقي نظرة على التاريخ السياسي لمصطفى الكاظمي، وهو من مدرسة اتسمت بالاعتدال، كما تعتمد أيديولوجيته الساسية على الليبرالية السياسية، فهو رجل دولة، ولم يكن متحزبًا أو طائفيًا ومستقلًا سابقًا، كما يؤمن بانفتاح العراق على مختلف دول العالم، على أساس المصالح المشتركة والمتبادلة، بالإضافة إلى أنه كان رئيسًا لجهاز المخابرات العراقي في حكومة حيدر العبادي، والتي وصفت بإنهاء الصراع الدائر بين الطائفية السياسية والمجتمعية في العراق.

لذلك أتصور أن الأيديولوجيته الساسية التي يؤمن بها الكاظمي، ستساهم بشكل كبير في تهدئة الأوضاع في الداخل العراقي، ومجابهة الإرهاب محاولة ردع الصدع الذي نتج عن السياسات الخاطئة، بالإضافة إلى إنهاء الاستحواذ والتمكين، الذي أولاه عادل عبد المهدي لأطراف محددة، على حساب أطراف أخرى.

 

هل ترى الكاظمى رجل إيران أم العراق؟ 

 

بداية لا بد توضيح أن ارتداء الكاظمي لقميص الحشد الشعبي ليس دليلًا على أنه رجل إيران؛ ولكنه يسعى لبناء صداقات مع أغلب الأطراف المؤثرة في الداخل العراقي، الأمر الذي يُساعده على المُضي قدمًا.

القرار السيادي الوطني يتطلب عدم ظهوره كرجل إيران أو رجل أمريكا، بل هو يُريد أن يظهر أنه اختير من أبناء العراق لحكومة العراق وليس من جهات خارجية.

وبشأن زيارته لمقر الحشد الشعبي، فإنها تأتي في إطار بروتوكول الزيارات لأغلب المؤسسات الأمنية داخل العراق، فهو يتعامل مع الجميع على أساس رسمي كرئيس مجلس وزراء العراق والقائد العام للقوات المسلحة العراقية، كما أنه ينظر إلى الحشد الشعبي على أنه مؤسسة رسمية عراقية؛ وعليها ألا تخرق تعليمات القائد العام للقوات المسلحة.

https://www.youtube.com/watch?v=jwoobQmEsfg

 

ما تقييمك لأداء عبد الوهاب الساعدي بعد الضربات الأخيرة التي شنها ضد داعش؟

عودة عبد الوهاب السعدي لجهاز مكافحة الإرهاب في العراق خطوة تصحيحية من الكاظمي، بشأن مكافة الإرهاب والتطرف؛ ولكن جهاز مكافحة الإرهاب في العراق مستمر من قبل إعادة الساعدي في حربه ضد داعش.

 

ما هو تقيمك لأداء مجلس النواب العراقي؟

 

في تصوري، أن مجلس النواب العراقي، لم يرتق حتى الآن إلى مستوى طموح الشعب، ولم يُقدم إنجازًا كبيرًا يُحسب له بشأن التشريعات الهامة والمعلقة من المجالس السابقة، بالإضافة إلى التخازل في الشأن الرقابي، والتي كان من بينها استجواب حكومة عادل عبد المهدي.

البرلمان العراقي لا يزال محكومًا بالتوافقات والإرادات السياسية على حساب السياقات الدستورية والقانونية، حتى أن بعض النواب يتحدثون أن الدورة البرلمانية الثانية تكاد تكون الدورة الأقل إنتاجًا للدورات البرلمانية، بسبب الانقسامات السياسية التي أثرت داخليًا على البرلمان وأدائه، لذلك فإن المطالبة بالذهاب إلى انتخابات مبكرة، هو إعلانٍ لفشل هذه الدورة البرلمانية من وجهة نظري.

 

https://www.youtube.com/watch?v=Hmai8cwqVyk

 

وماذا عن مطالبات سحب الثقة من الحلبوسي؟

 

سحب الثقة من المسؤولين في العراق هو أمرٌ متعارف عليه في الداخل العراقي ويدخل ضمن إطارين، الأول؛ نوعًا من الضغوط التي تُمارسها بعض القوى السياسية تجاه قوى أخرى وتحديدًا المسؤولين، أما الثاني؛ فمتعلق بالإخفاقات التي خلفها الحلبوسي خلال رئاسته للمجلس.

وأعتقد أن الداعين لسحب الثقة من رئيس البرلمان، هم يعتقدون أنه قد يُنشط الدور البرلماني، ومن وجهة نظري التحليلية، فإن كما تم خلع عادل عبد المهدي المجيء بالكاظمي، فإن الإتجاه لا بد أن يطل الحلبوسي فيتم خلعه والإتيان برئيس جديد للبرلمان.

 

هل يستطيع العراق أن يجري انتخابات بعيدة عن المحاصصة؟

 

عدم وجود انتخابات نزيهة أبرز الأزمات السياسية في العراق منذ زمن بعيد، وإذا أراد العراق انتخابات نزيهة فلابد أن تكون مفاوضية الانتخابات مستقلة بشكل صحيح؛ بالإضافة إلى منع استخدام المال السياسي من قبل الأحزاب التابعة للسلطة التنفيذية، إلى جانب وضع قانون انتخابات مُحكم يمنع القوى السياسية من التمدد والخروج عن القانون، والافراط في استخدام السلطة.

كما يشكل تعديل قانون الأحزاب محورًا أصليا في عملية الانخابات النزيهة، والذي يتعين تعديله بما يضمن تقييد الأحزاب وعدم خروجها على القانون، بالإضافة إلى ضرورة إشراك الأمم المتحدة في عملية مراقبة سير العملية الانتخابية العراقية.

 

 

هل اقترب تحرر العراق من التدخل الإيراني؟

 

إيران تمتد على الشريط الحدودي الشرقي للعراق، الأمر الذي فتح الباب أمام إقامة لصلات وصداقات كبيرة ووطيدة مع العديد من العراقيين والقيادات الشعبية في العراق، بالإضافة إلى تمكنها من التوغل في الداخل سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا عبر دعم وتمويل فصائل كثيرة مسلحة.

وبناءً على ذلك فإنه من الصعب أن يتحرر العراق من التدخل الإيراني سريعا، ومثل هذا القرار بحاجة إلى إرادة سياسية قوية ودعم شعبي كبير.

 

https://www.youtube.com/watch?v=0L3tIcxgoo0

 

وماذا عن تأثير «كورونا» على النفط العراقي؟

 

مما لا شك فيه أن جائحة كورونا أثرت بالسلب على النفط العراقي بشكل كبير، خاصة وأن العراق بلد ريعي يعتمد على النفط في صادراته، وأكثر من 95% من وارداته المالية، وبالتالي جائحة كورونا أثرت بشكل كبير تسبب بأزمة مالية كبيرة وأزمة اقتصادية وانخافض مستوى النمو الاقتصادي.

لذلك أتصور أن التحدي مع كورونا يجب أن يتم توظيفه بشكل جديد في العراق، وأن يعتمد العراق على مصادر مالية أخرى، كالزراعة والصناعة والتجارة، وهذا بحد ذاته قد يكون شيء إيجابي.

ما هو تقييمك لأداء مسؤولي الصحة بشأن مكافحة وباء كورونا في العراق؟

 

بتصوري أن لجنة السلام الوطنية  لمكافحة وباء كورونا في العراق، والتي شكلها عادل عبد المهدي، هي سبب تفشي الفيروس في البلاد، إذ تعمد “عبد المهدي” إلى إدخال جهات سياسية في أعمال لجنة طبية منوطة بمكافحة الوباء، كما تعمد تقاسم أموال المساعدات بين الأحزاب والشخصيات داخل اللجنة مما أضعف وأجهد عمل وزارة الصحة بشأن مكافحة وباء كورونا.

والآن الكاظمي يُعيد تحسين الأوضاع وإعادة الأوضاع إلى نصابها الصحيح، لتعود وزارة الصحة مرة أخرى تقود مكافحة الوباء، من خلال متخصصين على دراية كبيرة بالعمل الطبي.

ما هي آثار تشغيل سد إليسو التركي على العراق؟

 

حال تشغيل تركيا لسد إليسو ستحدث أزمة كبيرة لمصادر المياه في العراق، خاصة وأن تركيا تتعنت بشأن عقد اتفاقية مع البلدان المتضررة من سد إليسو، الأمر الذي يضع الحكومة العراقية تحت الضغط التركي، فلابد من إيجاد حوارات جادة، أولها أن يضع العراق تركيا أمام طاولة المفوضات. وحال فشلها فعلى العراق أن يضغط سياسيًا واقتصاديًا على تركيا، خاصة وأن تركيا لها علاقات اقتصادية بالمليارات مع العراق.

وحال فشل كل المحاولات فلا مجال أمام العراق إلا بالذهاب إلى مجلس الأمن، خاصة وأن العراق الآن تتوجه لإنعاش الزراعة، الأمر الذي يفسده سد تركيا، ويخلق أزمات بشأن الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية ووفرة المياه.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى