آخر الأخبارتحليلاتسلايد

خطة قطرية لتفتيت وحدة دول المقاطعة وإحداث وقيعة

لا تتردد قطر في وضع العراقيل في طريق التوصل إلى مصالحة خليجية جادة تلزمها بتبديد مخاوف جيرانها من علاقاتها المثيرة للجدل مع الجماعات الإسلامية المتطرفة والإرهابيين والأنظمة التي تستهدف إثارة القلق في المنطقة كتركيا وإيران.

كانت آخر مناوراتها هي السعي إلى تجريد هذه المصالحة من بعدها الجماعي من خلال قصرها على المملكة العربية السعودية وحدها.

وفي هذا الصدد، كان قد صرح وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، يوم الأربعاء، بحدوث «انفراجة في أزمة الخليج قبل أسبوعين، بعد صدور بيان كويتي بشأن الأزمة»

وقال خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الروسي سيرجي لافروف في موسكو، إن «المباحثات حول المصالحة الخليجية كانت مع السعودية فقط، لكنها (السعودية) مثلت الأطراف الأخرى أيضا». وأضاف، «لا توجد عقبات أمام حل الأزمة الخليجية على المستوى السياسي، وقطر تحاول تجاهل أي عقبات تظهر، ولا تولي اهتمامًا للأمور الصغيرة»، في إشارة إلى طلب دول المقاطعة من قطر اتخاذ خطوات عملية لإظهار حسن النية.

وقال محللون في شؤون الخليج، إن قطر تسعى إلى انقسام تحالف دول المقاطعة، الذي حافظ على تماسكه خلال السنوات الثلاث الماضية، من خلال عرض وساطة مباشرة مع السعودية، والتلميح إلى أنها غير معنية بالباقي.

وأشار هؤلاء المحللون، وفقا لما نشرته صحيفة «عرب ويكلي» إلى أن الهدف هو دفع دول مثل الإمارات العربية المتحدة ومصر إلى التراجع عن مسار التهدئة الجديد بعد أن بعثوا بمؤشرات تظهر استعدادهم لمواصلة الجهود السعودية إذا اتخذت قطر خطوات بناء الثقة، ربما أهمها وقف الحملات الإعلامية التي تشنها قناة الجزيرة ضد مصر والإمارات.

وتسارعت وتيرة هذه الحملات بعد إعلان الرياض بدء جهود المصالحة، وهذا النهج القطري، الذي يسعى إلى التفريق بين السعودية وحلفائها، من شأنه أن يعرقل القمة الخليجية المقرر عقدها في 5 يناير المقبل في الرياض ويؤدي إلى غياب بعض الدول، أو على الأقل خفض مستوى مشاركتها في الاجتماع.

الرياض تستغل القمة لاختبار نوايا الدوحة، كما ردت الإمارات بسرعة على المناورة القطرية وكتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، على موقع تويتر ، «إدارة المملكة العربية السعودية الشقيقة لهذا الملف مصدر ثقة وتفاؤل».

واعتبر مراقبون خليجيون كلماته رد مباشر على محاولات قطر تفكيك تحالف الدول المقاطعة. وأضاف «قرقاش» من الرياض عاصمة القرارات الخليجية «نتخذ خطوات إن شاء الله لتعزيز الحوار الخليجي نحو المستقبل»، مشيراً إلى أن بلاده تتطلع إلى «قمة ناجحة في الرياض تبدأ بها مرحلة تعزيز الحوار الخليجي».

وسعت قطر لإغضاب البحرين باعتقالها عددًا من الصيادين البحرينيين، وأرسلت إشارة واضحة تفيد بعدم رغبتها في توسيع دائرة المصالحة، معتبرة المنامة عنصرًا ثانويًا في الأزمة، ولا يتطلب أي تطمينات، الأمر الذي أدى إلى استجابة بحرينية سريعة.

ولم يتردد البرلمان البحريني في التأكيد على أن المصالحة مع قطر «لا يمكن أن تتحقق قبل حل بعض القضايا من خلال التفاوض». واتهمت أبوظبي، وسائل إعلام قطرية بالعمل على تقويض خطوات المصالحة، قبل نحو أسبوعين من انعقاد القمة الخليجية المقبلة في الرياض، بعد تزايد بوادر إحراز تقدم في حل الأزمة الخليجية.

وقال «قرقاش» إن المناخ السياسي والاجتماعي في الخليج العربي يتطلع إلى إنهاء أزمة قطر ويبحث عن أفضل طريقة لضمان التزام الدوحة بأي اتفاق يعود بالفائدة على المنطقة، ومع ذلك، يبدو أن وسائل الإعلام القطرية مصممة على تقويض أي اتفاق.

وأضاف «هذه ظاهرة غريبة ويصعب تفسيرها». وكان وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر الصباح قد أعلن في 4 ديسمبر عن «بذل جهود حثيثة للتوصل إلى اتفاق نهائي لحل الصراع الخليجي بما يضمن وحدة مجلس التعاون الخليجي».

وتحاول الدوحة عزل المملكة العربية السعودية عن بقية الدول المقاطعة من خلال السعي لتحقيق مصالحة ثنائية مباشرة مع الرياض، إذ يرى المراقبون أن التكتيك القطري به عيوب، وأشاروا إلى أن القيادة السعودية قد تكون متحمسة ومستعدة لرأب الصدع الخليجي، لكنها يمكن أن تعود بسهولة إلى المربع صفر بنفس الحماس في حال التلاعب القطري.

ويعتقد هؤلاء المراقبون أن المملكة العربية السعودية تنظر إلى القضية من بعدها الإقليمي الأكثر شمولاً، وتحاول المملكة تقديم أوراق كافية لتقوية الصفوف الخليجية في مواجهة التغييرات القادمة، بما في ذلك وصول إدارة أمريكية جديدة إلى البيت الأبيض تخطط لإعادة فتح المفاوضات حول الملف النووي الإيراني.

وعلى عكس هذا التوجه السعودي، لا تزال قطر حريصة على تطوير العلاقات مع إيران وتركيا دون مراعاة ترتيبات المصالحة التي ستجبرها على الالتزام بمصالح مجلس التعاون الخليجي وقراراته.

ودعا وزير الخارجية القطري، إلى «حوار بين دول الخليج وإيران»، ورحب بـ «أي مبادرات تجعل المنطقة مستقرة»، وهو الموقف الذي قد يغضب السعوديين.

وقطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات الدبلوماسية مع قطر في يونيو 2017، متهمة الدوحة بالتورط في دعم الجماعات الإسلامية المتطرفة والتقارب غير المبرر مع إيران.

ورافق قطع العلاقات الرسمية إجراءات اقتصادية، من بينها إغلاق الحدود البرية والممرات البحرية وأجواءها أمام الرحلات الجوية القطرية.

وفي ذلك الوقت، أصرت الدول الأربع على التزام قطر بقائمة من 13 مطلبًا رفضت الدوحة حتى الآن الاستجابة لها.

ويأتي على رأس هذه المطالب تخلي قطر عن سياساتها الداعمة للإرهاب وتمويله، والتوقف عن توفير المنصات الإعلامية للجماعات المتطرفة التي يقيم قادتها في العاصمة القطرية وتركيا، والابتعاد عن إيران التي يتهمها خصومها الخليجيون والغرب بالانخراط في أنشطة تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى