لم يعد في تركيا متنفس لكلمة أو رأي يمس السلطة الجاثمة على شعبها الذي يرزح تحت حكم رجب أردوغان الجائر، فمجرد تغريدة لقاض عبر مواقع التواصل الاجتماعي كفيلة، بإزعاج رأس النظام التركي، وعلى كاتبها إما الاعتذار أو انتظار المجهول، حتى لو كانت صاحب التغريدة قاضيا.
تعود التفاصيل، إلى اعتذار قدمه عضو هيئة المحكمة الدستورية في تركيا «أنجين يلدريم»؛ بسبب تغريدة عبر حسابه بموقع «تويتر» أثارت جدلاً واسعًا وعلق عليها أردوغان نفسه الذي بدا منزعجا منها، حيث ذكرته بدلالات مؤلمة، وفق صحيفة «زمان التركية».
كان، «نجين يلدريم» نشر على حسابه صورة ليلية لمبنى المحكمة الدستورية، وأرفقها بتعليق «الأنوار مضاءة»، وهي العبارة التي ذكرت الأتراك بعبارة «مصابيح قيادة الأركان العامة لم تنطفئ حتى الصباح» التي كانت تستخدم قديمًا للدلالة على أن الجيش يستعد للانقلاب على الحكومة.
تكمن حساسية التغريدة، التي أرَّقت النظام التركي، في موعد نشرها عقب قرار محكمة الجنايات برفض تطبيق قرار المحكمة الدستورية الصادر لصالح السياسي المعارض أنيس بربر أوغلو المتهم بتسريب تسجيلات تظهر شاحنات المخابرات تحمل السلاح إلى سوريا، بإلغاء الحكم الصادر ضده.
وزارة الداخلية التركية، دخلت هي الأخرى على خط الأزمة دفاعا عن أردوغان، فنشرت صورة لمبناها أيضا مضاء بالأضواء وعلقت عليها، بعبارة «مصابيحنا لا تنطفئ أبدًا»، وذلك في تعليق وصف بأنه رد صريح على القاضي التركي، الذي أثار جدلا بين دوائر الحكم، على الرغم من اعتذار صاحبها وتأكيده بأنه «لم يكن يلمِّح لأمر غير قانوني».
الارتباك الذي طال النظام التركي بسبب تغريدة القاضي، اعترف به رأس النظام نفسه، حيث قال أردوغان خلال اجتماع لحزب العدالة والتنمية، «ليس من الصواب تجاهل هذه التغريدة.. إنها مؤسفة وأتمنى لو لم يفعلها»، متسائلاً «هل يكفي الاعتذار؟».
