آخر الأخبارتحليلات

رحلة البحث عن مخرج.. اللبنانيون يخططون للهجرة خارج بلادهم

يخطط العديد من اللبنانيين لمغادرة وطنهم -الذي يشهد حالة من الانهيار الاقتصادي- بحثًا عن حياة أفضل، بينما يعرض البعض حياتهم وأطفالهم للخطر.

وتحولت محاولة المنكوب نظير محمد للفرار من الجوع واليأس في وطنه لبنان المنكوبة بالأزمة إلى رحلة مروعة عبر البحر. حيث باع نظير وزوجته زينب كل ما يملكانه، حتى آخر قطعة أثاث، وأعطا 2500 دولار للمهربين الذين وعدوا بإيصال العائلة إلى قبرص، وهي دولة تابعة للاتحاد الأوروبي على بعد 170 كيلومترًا فقط من الساحل الشمالي للبنان.

لكن محاولة الزوجين إيجاد مستقبل أفضل لأطفالهما الأربعة، تحولت إلى كابوس انتهى بإجبارهما على العودة إلى لبنان بعد أن فقدان طفلهما الرضيع، الذي توفي بين ذراعيهما من الجفاف على متن القارب في سبتمبر 2020.

وقالت زينب “غادرنا الشاطئ هنا في طرابلس ولم يُسمح لنا إلا بأخذ حقيبة ظهر واحدة. كنا 49 في قارب صغير، كان يضم سوريين ومواطنين آخرين. وبمجرد وصولنا إلى منتصف الرحلة، نفد وقود القارب وهكذا “تقطعت بهم السبل دون ماء أو طعام”.

وقالت زينب إنها بدأت في ملء الحفاضات بمياه البحر، في محاولة لتصفية الملح حتى تتمكن من إبقاء فم ابنها محمد مبتلًا.

وقالت والدموع تنهمر على خديها “لم يكن هناك شيء يمكنني القيام به. مات طفلي الصغير”. وقالت إنه عندما بدأ جسد طفلها ينتفخ، كان عليهم اتخاذ قرار بإلقائه في مياه البحر.

وتتذكر زينب “لقد تقطعت بهم السبل من 7 سبتمبر حتى 14 عندما جاءت سفينة تركية تابعة للأمم المتحدة وأنقذتنا. لم أرغب في النزول من على متنها عندما أعادونا إلى ميناء بيروت”، مضيفة أنها توسلت إليهم أن يأخذوها هى ويتركوا عائلتها في بلد آخر.

زينب ونظير لا يلومان المهربين على ما حدث. إنهم غاضبون من الطبقة الحاكمة اللبنانية، الذين يلومونهم على أزمات البلاد المتعددة، مما جعلهم يائسين من المغادرة لأنهم كانوا عاطلين عن العمل ولم يعد بإمكانهم إطعام أسرهم.

قال نظير: “سأفعل ذلك مرة أخرى. أريد أن أغادر مع عائلتي إلى بلد لائق يحترم شعبه”. قال إنه عاش في ألمانيا من 2015 إلى 2016، عندما تم تهريبه إلى أوروبا عبر تركيا بمفرده.

وقال “أريد أن يعيش أطفالي في بلد يحترم الإنسانية، مثل ألمانيا، ولكن كلبناني وبما أنه لا توجد حرب في بلدنا، فإن الحكومة الألمانية لن تمنحني اللجوء”.

ويعاني لبنان من أسوأ أزمة مالية منذ عقود. وصف البنك الدولي الأزمة بأنها من بين أشد الأزمات في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.

وينتشر الآن في لبنان نقص الغذاء والدواء والماء والوقود على نطاق واسع، وانقطاع التيار الكهربائي حاد.

وارتفع الفقر في لبنان بشكل كبير خلال العام الماضي ويؤثر الآن على حوالي 74 في المائة من السكان، وفقًا لتقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا).

وفقدت الليرة اللبنانية 95 في المائة من قيمتها. يبلغ معدل التضخم في الغذاء حوالي 400 في المائة. وقبل اندلاع الأزمة، كان الحد الأدنى للأجور يعادل 450 دولارًا في الشهر – والآن هو 34 دولارًا فقط.

وبحسب مفوضية اللاجئين، حاول 1.570 شخصًا عبور البحر الأبيض المتوسط ​​هذا العام، إلى قبرص بشكل أساسي. هذا هو ضعف ما كان عليه في العام الماضي.

وقالت المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيروت ليزا أبو خالد لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): “لاحظت المفوضية زيادة في عدد المغادرين بحراً من لبنان اعتباراً من عام 2020 مقارنة بالسنوات السابقة”.

وأضافت أنه “بناءً على المعلومات التي حصلت عليها المفوضية حتى الآن، شرع أكثر من 1570 فردًا أو حاولوا الشروع في مثل هذه التحركات بين يناير 2021 ونوفمبر 2021، من بينهم 1241 هدفًا للوصول إلى قبرص”.

وأوضح أحد الركاب أبو خالد، أن الركاب هم 1138 سوريًا و 186 لبنانيًا والباقي من جنسيات أخرى. قال أبو خالد إن بعض الأسباب الرئيسية للمغادرة هي عدم القدرة على البقاء في لبنان بسبب التدهور الاقتصادي، وعدم القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية ومحدودية فرص العمل.

قال رامي فنجي البالغ 56 عاماً، وهو طبيب يعمل مع العديد من المنظمات الإنسانية لمساعدة سكان طرابلس، ثاني أكبر مدينة في البلاد، “يكافح الناس من أجل الحصول على الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية”.

والناس هنا رهائن لهؤلاء القادة الفاسدين. والمشكلة هي أنه عندما انتهت الحرب الأهلية عام 1990، أحضروا أمراء الحرب لحكم البلاد وهنا تكمن المشكلة. وكانت البلاد تحكمها بشكل أساسي الميليشيات الذين ليس لديهم رؤية ويعتمدون فقط على الفساد.

في حي منقوبين الفقير بطرابلس، علي طبيخ، 52 سنة، عاطل عن العمل. الرجل الذي يخضع لغسيل الكلى وبترت ساقه بسبب الغرغرينا، ويعتمد على زوجته التي تتجول لتتسول الطعام. ومن بعض المنظمات الاجتماعية في المدينة لإطعامه وأطفاله الأربعة.

ويعيش علي مثل العديد من اللبنانيين، يأمل علي في الحصول على فرصة لمغادرة وطنه، في الغالب لتأمين التعليم وحياة أفضل لأطفاله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى