آخر الأخبارتحليلاتسلايد

طالبان تصطدم بواقع أفغانستان.. أزمات اقتصادية وأمنية واجتماعية

على الرغم من طي الأفغان لصفحة 20 عاما من الحرب ليبدؤوا عهدا جديدا تحت حكم حركة طالبان التي تروج بدورها لصورة محسّنة عن تلك التي عرفها بها الأفغان والعالم قبل 20 سنة، إلا أنه مهما كانت عملية التشذيب التي طالت الحركة والنصائح التي عاد بها قادتها من الدوحة حيث كانوا يقيمون ويتفاوضون من أجل السلام، أن هذا العهد سيكون من أصعب ما عاشه الأفغان في تاريخهم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.

ومن منظور طالبان تمثل الصعوبات الاقتصادية المتزايدة أكبر تحد يواجه الحركة وسط هبوط قيمة العملة وارتفاع التضخم بما يزيد المعاناة في بلد يعيش فيه أكثر من ثلث السكان على أقل من دولارين في اليوم. وحتى لميسوري الحال نسبيا أصبح تدبير قوت اليوم الهم الشاغل في ضوء إغلاق الكثير من المصالح والمتاجر وعدم صرف المرتبات منذ أسابيع.

وفي خطوة لإدارة عجلة الاقتصاد من جديد صدرت أوامر للبنوك بإعادة فتح أبوابها بعد أن ظلت مغلقة منذ سيطرة طالبان على كابول. إلا أنه تم فرض حدود أسبوعية صارمة على السحب النقدي ولا يزال كثيرون يضطرون للوقوف في طوابير لساعات للحصول على المال.

https://soaldar.com/article/%D8%A5%D9%86%D9%81%D9%88%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D9%81-%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%8A%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%B3%D8%A7%D9%87%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D8%A5%D8%AC%D9%84%D8%A7%D8%A1-%D8%A2%D9%84%D8%A7%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D8%BA%D8%A7%D9%86-%D9%87%D8%B1%D8%A8%D9%88%D8%A7-%D9%85%D9%86-%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86

وخارج المدينة حذرت منظمات إنسانية من كارثة وشيكة إذ تضرر المزارعون من جفاف حاد دفع الآلاف من فقراء الريف إلى اللجوء للمدن. وقال سكان إنه أصبح من الشائع رؤية مواطنين يجلسون في خيام على جانبي الطرق وفي المتنزهات.

وتزايدت الضغوط بشدة على العملة في اقتصاد يقوم على النقد السائل ويعتمد اعتمادا كبيرا على الاستيراد في توفير الغذاء والسلع الضرورية وأصبح الآن محروما من الاستفادة من مساعدات خارجية بمليارات الدولارات.

وفي مدينة بيشاور الباكستانية القريبة من الحدود يرفض كثيرون من تجار العملة التعامل في العملة الأفغانية التي حالت التقلبات دون تقدير قيمتها على الوجه السليم. ولم يقف حائلا دون هبوط العملة أكثر من ذلك سوى ندرتها إذ لم تستأنف حتى الآن عمليات النقل الدولية للعملتين الأفغاني والدولار.

حكومة شاملة

وكان مسؤول ذكر أن حركة طالبان وزعماء أفغان آخرين توصلوا إلى اتفاق في الآراء حول تشكيل حكومة جديدة ومجلس وزراء تحت قيادة الزعيم الروحي الأعلى للجماعة هيبة الله أخوند زاده.

ونقلت وكالة بلومبرج عن بلال كريمي، العضو في اللجنة الثقافية للجماعة قوله إن الملا عبد الغني بارادار، وهو واحد من ثلاثة نواب لاخوند زاده والوجه العام الرئيسي لطالبان، من المحتمل أن يتولى مسؤولية تسيير العمل اليومي للحكومة.

إنفوجراف | طالبان تغنم أسلحة أمريكا.. شبح الإرهاب يقترب

وتابع كريمي أن «المشاورات حول تشكيل حكومة أفغانية شاملة تضم قيادات الإمارة الإسلامية، وزعماء من الحكومة السابقة وزعماء آخرين من ذوي النفوذ ، انتهت رسميا». وقال المتحدث باسم حركة طالبان، ذبيح الله مجاهد إنه ليس هناك أي معلومات محددة بشأن توقيت تشكيل حكومة.

وذكر زعيم بارز في حركة طالبان أن حكومة طالبان الجديدة، المتوقعة في الأيام المقبلة، لن تشمل أي مسؤولين رفيعي المستوى من الحكومات السابقة في أفغانستان.

وفي مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي»، قال نائب رئيس المكتب السياسي لطالبان في قطر شير محمد عباس ستانيكزاي إن الجماعة المتشددة تحاول تشكيل حكومة تحظى بدعم محلي ودولي.

غير أن ستانيكزاي أكد أن الحكومة لن تشمل شخصيات كانت تتولى مناصب مثل حكام أو جنرالات أو مناصب رئيسية أخرى، خلال السنوات الـ20 الماضية.

وتابع مسوؤل طالبان أنه بدلا من ذلك، ستضم الحكومة “وجوها جديدة من جميع القبائل وجماعات الأقلية، الذين ينظر إليهم بوصفهم “مسلمون وأتقياء وموهوبون”. وحول مشاركة النساء في الحكومة، لا يعتقد ستانيكزاي أنه سيتم تعيين في مناصب بارزة، لكن سيضطلعن بدور.

أزمة اقتصادية

وأدى انخفاض سعر الصرف إلى ارتفاع أسعار كثير من السلع الغذائية الأساسية يوميا مما زاد الضغط على الناس الذين فقدت مرتباتهم قيمتها وحال إغلاق البنوك بينهم وبين مدخراتهم.

إنفوجراف | جحيم ينتظر «إعلام أفغانستان».. سيطرة «طالبان» ضربة مُوجِعة

وقال تجار في سوق كابول إن جوال الدقيق زنة 50 كيلوجراما يباع بمبلغ 2200 أفغاني أي بزيادة حوالي 30 في المئة عن سعره قبل سقوط المدينة وإن أسعار ضروريات أخرى مثل النفط والأرز شهدت زيادات مماثلة. وارتفعت أسعار الخضروات بما يصل إلى 50 في المئة والبنزين 75 في المئة.

وقد توقفت التحويلات من الخارج بفعل إغلاق شركات تحويل الأموال مثل ويسترن يونيون وتحاول أعداد متزايدة من الناس بيع الحلي وبعض المقتنيات المنزلية حتى إذا اضطروا لقبول جزء يسير من قيمتها مقابلها. وقال بائع “منذ أسبوعين كان الناس يشترون لكن الوضع الآن ليس طيبا ولا أحد يشتري. أموال الناس محبوسة في البنوك ولا أحد يملك المال لشراء شيء”.

وحتى عندما كان اقتصاد أفغانستان يعيش على الأموال الخارجية لم يكن النمو يجاري الزيادة في عدد السكان. وبخلاف تجارة المخدرات المخالفة للقانون لا تملك البلاد صادرات تذكر لتوليد الإيرادات. وفجأة توقفت المساعدات التي كان تمثل أكثر من 40 في المئة من الناتج الاقتصادي.

وتم تعيين محافظ جديد للبنك المركزي غير أن مصرفيين خارج أفغانستان قالوا إنه سيكون من الصعب تشغيل النظام المالي من جديد دون المتخصصين الذي انضموا إلى موجة النزوح من كابول.

فيديوجراف | طالبان تسيطر على أفغانستان.. سنوات عجاف تنتظر الاقتصاد

وفي بادرة على الضغط على احتياطيات البلاد النقدية أعلنت طالبان حظرا على إخراج الدولارات أو المقتنيات الثمينة من البلاد وقالت إن المصادرة عقاب المخالف. وحوالي تسعة مليارات دولار من الاحتياطيات الخارجية مودعة خارج البلاد بعيدا عن متناول حكومة طالبان التي لم تعين رسميا بعد، ناهيك عن الاعتراف الدولي بها.

وقال مسؤولون من طالبان إن حدة المشاكل ستخف بمجرد تشكيل حكومة جديدة. لكن لم تلح بعد في الأفق تركيبة هذه الحكومة أو موعد الإعلان عنها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى