آخر الأخبارتحليلات

من بغداد إلى بيروت.. المظاهرات تحاصر رجال «الملالي» وتُجهض مشروع إيران الطائفي

من بغداد إلى بيروت، بات مشروع إيران التوسعي محاصرًا، بعدما تحولت المدن العربية التي خطط لأن تكون نواة لتوسيع نفوذه في المنطقة وبسط سيطرته، لوبال عليه، بعد أعلن المتظاهرون في لبنان والعراق وقوفهم في وجه النزعة الطائفية التي لطالما لعب عليها واستغلها لصالحه، لتأتى موجة الرفض هذه المرة قاسية وعصية على المواجهة.

لم يقتصر الأمر على المدن العراقية واللبنانية المنتفضة في وجه الفساد والفقر الناتج عن الطائفية، لكن الظروف الدولية تقود للتضيق على مشروع الملالي في البلدان الأربع التي لا طالما افتخر ببسط سيطرته عليه، لتمتد أزمة العقوبات الدولية المفروضة على طهران تابعه الحوثي في الشمال اليمني، في الوقت الذي يعاني حليفه الإخواني حصار صارما في الشمال الغربي في الأراضي المحتلة.

اليوم.. العراق على موعد مع أكبر تظاهرات جماهيرية منذ 16 عامًا

  • خامنئي يترنح

حالة الاضراب والقلق جاءت واضحة للمرة الأولى، منذ اندلاع المظاهرات في العراق ولبنان، في حديث المرشد الإيراني علي خامنئي الذي وصف مطالب المتظاهرين المشروعة بأعمال الشغب غير القانونية.
وفي محاولة واضحة على نظام المحاصصة الطائفية التي تضمن بقائه رجاله في السلطة، طالب خامنئي بعكس ما فعله هو ورفاقه إبان اندلاع الثورة الإيرانية التي أطاحت بنظام الشاه عام 1979، وطالب المتظاهرين في العراق ولبنان بالسعى لتحقيق مطالبهم ضمن الأطر القانونية لبلادهم، وفق ما نقلته وكالة أنباء فارس الإيرانية.

وقال في كلمة ألقاها في جامعة “خاتم الأنبياء” للدفاع الجوي خلال مراسم تخريج دفعة جديدة من ضباط الجيش الإيراني: “الحريصون في لبنان والعراق يجب أن يعالجوا أعمال الشغب التي تدار من قبل أميركا وإسرائيل وبعض الدول الرجعية”.

مخاوف من نزوح رؤوس الأموال مع إعادة فتح المصارف اللبنانية

  • فشل المواجهة الأمنية

حديث خامنئي جاء بعدما فشله مخططه الأمني في السيطرة ففي العراق حاول باستماتة الإبقاء على الحكومة دون تغيير خوفا من ضياع النفوذ حتى أن قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، قام بزيارة مفاجئة إلى بغداد الشهر الماضي، في أعقاب اندلاع الاحتجاجات في العراق، وترأس اجتماعا مع مسؤولين أمنيين وفق ما نقلته وكالة “أسوشيتد برس”.

وذكرت الوكالة أن سليماني، وصل بمروحية إلى المنطقة الخضراء وسط بغداد، حيث فاجأ مجموعة من كبار المسؤولين الأمنيين العراقيين بترؤسه اجتماعا سريا بدلا عن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي.

لم يكن الحال أفضل في لبنان الي تمسك مواطنيه بشعار جامع ” كلن يعني كلن” في إشارة إلى أنهم يرفضون نفوذ حزب الله المفروض على بلدهم بقوة سلاح طهران، وظهر ذلك في آخر خطاب قدمه زعيم الميليشيا اللبنانية المرتبطة بإيران حسن نصر الله، الذي هدد المتظاهرين بشياع الفوضى بلبنان لو استمرت المظاهرات.

وقتها قال نصر الله، إنه لا يؤيد استقالة الحكومة، وإن البلاد ليس لديها متسع من الوقت لمثل هذه الخطوة نظراً للأزمة الاقتصادية الحادة.

على غير العادة رد اللبنانيون على كلمات نصر الله التي سبقت استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري بأيام بهتافات حاسمة: «كلن يعني كلن ونصر الله واحد منن»، في إشارة إلى رغبتهم في إبعاد السلطة الحاكمة عن المشهد السياسي، بما في ذلك ميليشيا حزب الله وزعيمها حسن نصر الله.

العقوبات الأمريكية تقصم ظهر إيران.. وواشنطن تتوعد نظام «الملالي» بالمزيد

  • انهيار مشروع «الملالي»

في معرض التعليق على هذه الحالة يقول الباحث في الشأن الإيراني، أسامة الهتيمي، إن موقف إيران المستنكر للتظاهرات والحراك الشعبي في كل من لبنان والعراق يكشف إلى أي مدى يمكن أن يكون لهذه التظاهرات الرافضة للفساد والتداخلات الخارجية، تأثير على النفوذ الإيراني في كل من البلدين.

ويضيف في تصريحات لـ”صوت الدار” أن الهدف الأساسي لهذا الحراك هو انعتاق البلدين من المحاصصة والطائفية اللتين استطاعت من خلالهما إيران السيطرة على الحياة الاقتصادية والسياسية فى بغداد وبيروت، من خلال الموالين لها من أبناء الطائفية الشيعية، والمخدوعين في شعاراتها.

لهذه الأسباب يرى الهتمي أن إيران ستبذل ما في وسعها سواء عبر ضغوطاتها أو عبر أذرعها من أجل القضاء على هذا الحراك، وتفريغه من مضمونه، ومن ثم فإن الأمر برمته يرتهن بمدى قدرة هذا الحراك على الصمود أمام ما سيحاك له من قبل إيران وأتباعها.

ويتوقع الباحث في الشأن الإيراني احتمالين يمكن أن تنتهى الأمور لأحدهما الأول هو أن ينجح هذا الحراك في تحقيق المطالب في البلدين أو في أحدهما وهو ما يعني بوضوح شديد بدء نهاية النفوذ الإيراني، وبالتالي المشروع الإيراني في البلدين أو في أحدهما وهو ما سيكون بمثابة انفراط عقد هذا المشروع.

أما الاحتمال الثاني، فإنه يتمحور وفق الهتيمي حتى اللحظة هو أن يفشل هذا الحراك بفعل ما تقوم به إيران من تحركات مناوئة له، الأمر الذي سيمنح المشروع الإيراني قوة أكبر ونفوذا أكبر بعد أن يصاب الحراك بحالة من الإحباط.

لأول مرة منذ اندلاع التظاهرات.. منشأت نفطية حيوية تدخل على خط الاحتجاجات في العراق

  • الموقف الدولي

ويقول الباحث: “لابد أن نشير إلى أن مستقبل المشروع مرهون باعتبارت أخرى يأتي على رأسها مستقبل الصراع بين إيران وبين القوى الدولية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة إذ ثبت طيلة الفترة الماضية أن إيران نجحت وإلى حد كبير في هزيمة الدبلوماسية والتحركات الأمريكية المناهضة لنفوذها وهو ما أسفر في النهاية عن تداعيات سياسية تصب كلها في صالح إيران التي استطاعت أن توظف نفوذها واذرعها بشكل جيد جدا طيلة هذه الفترة في الوقت الذي تدرك فيه أن أمريكا والقوى الحليفة لها في المنطقة لا ترغب بالفعل في الدخول في حرب شاملة مع إيران لتداعياتها الخطيرة.

ويضيف :”هنا يمكننا أن نقول بأريحية شديدة إن نجاح إيران في تجاوز حدة هذا الصراع مع أمريكا والتوصل إلى صيغة توافقية – تحفظ لإيران وضعها ومكانتها بين حلفائها باعتبارها تتزعم ما تطلق عليه محور الممانعة والمقاومة وفي ذات الوقت تحقق لأمريكا بعض ما تطمح إليه بشأن الملف الإيراني مع إبقائها كدولة وظيفية – سيكون بمثابة أكبر انتصار للمشروع الإيراني في المرحلة المقبلة الأمر الذي سيصعب بشكل أكثر قوة من مهمة مشروعات المواجهة”.

بعد تصريحات «الملالي» الاستفزازية.. أوجه التدخل الإيراني في العراق ولبنان

  • الحل سياسي

ويتفق معه أحمد العناني الخبير في العلاقات الدولية، وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، في أن المشروع الإيراني يواجه ضغوطا عصيبة على المستوى الدولي، ومن جهة الرفض الشعبي لأتباعه في العراق ولبنان وغيرهما.

ويقول في تصريحات لـ”صوت الدار” إن المظاهرات في العراق ولبنان عفوية، نتيجة الأزمات الاقتصادية التي تعانيها لبنان، أو الفساد المستشرى في العراق، مع رفض متطابق للتدخلات الإيرانية في البلدين.

ويشير إلى أنه في الحالة اللبنانية على سبيل المثال تسيطر ميليشيا حزب الله على القرار السياسي في البلد، ويعزل لبنان عن محيطه الإقليمي لكن الشعب لا يريد ذلك وهو ما يهدد المشروع الإيراني التوسعي بالمنطقة.

ويشير إلى أن الوضع في العراق يتشابه كثيرا مع لبنان، فهناك رفض شعبي لميليشيا الحشد الشعبي وعصائب أهل الحق، وسيطرة الكتائب الشيعية على مقاليد الدولة.

ويشير إلى أن الاستماتة الإيرانية في إجهاض هذه الحراك الثائر ترجع لرغبة طهران في حماية نفوذها في العراق حيث أنها متورطة في نهب الخيرات العراقية على رأسها النفط، إضافة لاستغلال الأسواق العراقية في تصريف بضائعها التي يقاطعها العالم، حتى ولو على حساب المنتج الوطني العراقي.

ويرى العناني أن رجال الملالي في لبنان والعراق حاليا في مأزق كبير، فيوجد رفض شعبي لتوغلهم بمؤسسات الدولة، مشيرا إلى أن التوافق السياسي ربما يكون هو المخرج الوحيد من هذه الأزمة المشتعلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى