مقالات الرأي

نعم سقطت.. ولكن التنظيم الدولى قائم

عماد فؤاد

نجح التنظيم الدولى للإخوان، عبر كل تلك الكيانات والأذرع التى أنشأها فى الخارج، فى استقطاب أعضاء جدد للجماعة، وتم استغلالهم لاختراق الجامعات من خلال البعثات الدراسية، بالإضافة للاستيلاء على تبرعات الإسلاميين بالخارج لاستخدامها كأحد موارد التنظيم، وحالياً تلعب تلك المراكز والمنظمات الدور المحورى فى رعاية الإخوان الهاربين للخارج منذ سقوط الجماعة فى مصر.

ورصد التنظيم الدولى للإخوان فى الدول الأوروبية ميزانيات كبيرة لتشكيل عدد من اللجان الإدارية تتولى التنسيق مع بعض الجامعات الغربية فى أوروبا وأمريكا لعقد ندوات ومؤتمرات للوفود الإخوانية التى تزور تلك الدول، وذلك من خلال ثلاثة تشكيلات دولية هى: الائتلاف العالمى للحقوق والحريات، والائتلاف المصرى الأمريكى من أجل الشرعية، والائتلاف العالمى للمصريين فى الخارج من أجل الديمقراطية، وكلها تتولى مهمة التحريض ضد الأنظمة العربية -وعلى رأسها النظام المصرى- التى تصدت للمشروع الإخوانى للسيطرة على الحكم فى المنطقة، وفى سبيل ذلك رصد التنظيم الدولى المال السياسى لتوجيه بعض الكتاب والباحثين فى المؤسسات الإعلامية والمراكز البحثية الغربية لتسريب التقارير المفبركة وترويجها فى دوائر صنع القرار للتأثير عليهم لتأليب الرأى العام العالمى ضد الحكومات العربية الرافضة للفكر الإخوانى.

ومن أدوار التنظيم الدولى كذلك عقد الاجتماعات الدولية لرسم الخطط اللازمة لتحريض المنظمات الغربية الإعلامية والحقوقية وغيرها ضد الدول العربية، وشن الحروب الإعلامية ضدها، عن طريق قنوات فضائية وبرامج إخوانية ممولة، رسالتها الأولى بث الأكاذيب ونشر الشائعات لتأليب الشعوب ضد الحكومات على أمل استعادة الوجود مرة أخرى استحضاراً لتجارب السقوط والعودة منذ تأسيس الإخوان حتى السقوط الكبير فى ثورة 30 يونيو.

المؤكد أن التحرك النشط الواسع والسريع للتنظيم الدولى للإخوان لم يأتِ من انطلاقة ذاتية خالصة، بل عبر قوى خارجية ما زالت تستهدف مصر، وبالتالى العالم العربى كله، وللذكرى فقط.. لا بد من الإشارة إلى الدراسة السرية المشتركة بين البيت الأبيض ومجلس الأمن القومى، ووزارة الخارجية الأمريكية، ما بين سبتمبر 2010 إلى فبراير 2011، وتم تسريبها لاحقاً، وتكشف عن دعم الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما للإخوان المسلمين بهدف تغيير الأنظمة فى العالم العربى.

وبموجب القانون الأمريكى المتعلق بـ«حرية تداول المعلومات»، حصلت «مجموعة الشرق الاستشارية» فى واشنطن، على حزمة من الوثائق التى تكشف عن وجود ثمانٍ وتسعين رسالة إلكترونية بين إدارة أوباما ومجلس الأمن القومى، ووزارتى الخارجية والداخلية، عن الأعمال التحضيرية لاستيلاء الإخوان المسلمين على السلطة فى مصر.

والمثير للدهشة أن البعض ما زال يمنّى نفسه باللحظة التى يتخلى العالم الغربى عن إيواء واحتضان جماعة الإخوان الإرهابية، وقد أسقط من ذاكرته طبيعة العلاقة القديمة التى تربط بين الجماعة وبعض دول الغرب -خاصة بريطانيا والولايات المتحدة- وتجعل الطرفين حريصين على استمرارها لمجابهة الأنظمة الوطنية التى لا تتلاءم مع السياسات الغربية، وهو ما يؤكد أن «الإخوان» جماعة وظيفية ذات طابع دولى، وليست جماعة دعوية كما يظنها البعض.

علينا أن نتذكر دائماً ما حدث خلال العهد الملكى -قبل قيام ثورة 23 يوليو- حينما ساد الاعتقاد بأنه قد تم القضاء على جماعة الإخوان، لكنها عادت أقوى مما كانت، وفى العهد الناصرى وجد التنظيم فى السجون بيئة مناسبة لتجديد البناء وهو ما تحقق بالفعل.

الغلو بالثقة فى القضاء على جماعة الإخوان الإرهابية هو العدو الأكبر لنا الآن.. فهل ننتبه؟

نشر في جريدة «الوطن» المصرية

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى